السبت، 22 يونيو 2013

نوافذ المستشــفى













نوافذ المستشــفى

في واحدة من مستشفيات المدينة و في غرفة  ذات سريرين كان يرقد رجلان مريضان
بمرضين مستعصيين . كان الأول يرقد على سرير قرب النافذة الوحيدة للغرفة ..وكان
يقف أحيانا على رجليه ليساعد رئتيه من التخلص من الماء المتجمع بهما بينما كان الرجل
الآخر يستلقي على ظهره طيلة الوقت إذ كان مرضه يقتضي ألا يتحرك .

و تمر الساعات في حديثهمـا عن الزوجات و ذكريات خدمة الجيش و أيام الإجازات و
غيرها من شؤون الحياة ... و عند العصر يقف الرجل المجاور للنافذة ليحدّث زميله عن
المنظر خارج النافذة  بينما يستمع له جاره مستمتعا بوصف العالم خارج تلك  النافذة .

كانت النافذة تطل على حديقة واسعة و بها بحيرة جميلة يلعب بها البط و الإوز بينما يرمي الأطفال قواربهم الورقية على سطح الماء الأزرق . أزواج و زوجات و عشـّاق يجلسون
في ظل الأشجار و آخرون يمشون بين الأزهار من كل لون . و في عصر يوم آخر كان
المريض يصف لجاره موكبا لفرقة موسيقية تعزف الألحان للجالسين هناك ، و بالرغم من
عدم سماع المريض المستلقي على ظهره للموسيقى إلا أنه كان يتخيل الفرقة و جمالهـا .

و في صباح اليوم التالي دخل المـمرض ليعدّ للمريضين ماء الحمـّام الصباحي فوجد مريض النافذة ملقى في سريره جثة هامدة ترقد بسـلام . حزن المـمرض على الرجل ثم نادى على
رجال النوبة الصباحية لحمل الجثة إلى الثلاجة .. و ها هي الفرصة سانحة الآن  للمريض
الثاني أن يرجو المـمرض بنقله إلى السرير الآخر بجانب النافذة ليلقي نظرة سريعة على
الحديقة و كان له ما أراد ..

حاول المريض هذا جاهدا أن يرفع رأسه قليلا للإستمتـاع بمنظر الحديقة و البحيرة و لكنه
وجد نفسـه أمام حائط مغلق ..! لم يكن هناك  حديقة ولا أشجار ولا بحيرة !!
سأل المريض المـمرض عن السبب الذي جعل رفيقه  المتوفى أن يصف المنظر الخلاب 
فأجابه المـمرض :
لقد كان الرجل أعمى لا يرى حتى  الجدار .. ! إنما كان خياله هو الذي يملي عليه الوصف
الجميل و ذلك ربما ليساعدك على الشـفاء !!