أدب الشباب
كـُرَات الـطين
حدثني
جاري أبو محـمـد قائلا ً :
كان
لي صديق صاحب دكان أحترمه و أعامله معاملة الأخ لأخيه . تمسكتُ بصداقته
حين
هجره الأصدقـاء و كنتُ أشجعه في عمله و أشد أزره . ومرّ على صداقتنا
فترة
طويلة
لم أصغ أثناءها لتحريض البعض ضدّه أو التعريض
بسمعته.
و
في ذات يوم ، و عندما عرف صديقي بأنّني اشتريتُ (كـُشكـًا) صغيرًا أعرض فيـه
القهوة مجّانا لكل محتأج ، قاطعني و تنكـّر لصداقتي
ظانـّـًا بي ظنّ السـوْء أنني سأفسـد
عليه
تجارته !! و كان بفعـلته هذه ينطبق عليه
بيت الشِعـر التالي :
نذرتُ
له الصداقة َ و التفاني : فلما ارتابَ بي ظـُلمـًا جَـفـاني
استمـرّ
أبو محمـد بالحديث فقال : اسمعْ مني هذه الحكاية و خذ العـِبرة من أحداثها .
بينما كان أحد السيـّاح يجوب مستطلعا شاطىء
البحر ، وجد في أحد الكهـوف كيسًـا
من الخيش و عندما فتحه وجد بداخله عشرين
كرة صغيرة من الطين المشوي بأحجام
مختلفة . قال السائح في نفسه : لعل صانع هذه الكرات كان يسلي نفسه في
صنعها !
ثم حمل المصطاف الكيس إلى صخرة قريبة جلس
عليها و أخذ يلقي بالكرات الواحدة
تلو الأخرى في البحر مبتهجـًا بصوت ارتطامها
بسطح الماء .
و عندما وصل برميه إلى الكـرة الرابعة عشرة ارتطمت الكرة بإحدى الصخور فانفلقت
و خرج منها حجر كريم من الزمرد الأخضـر بعد أن كان البحر ابتلع الكرات
السابقة. باع
الرجل زمرد الكـرات الباقية بمبلغ كبير وندم على كل واحدة
رماها في الماء دون تفكير
غير آبـه ٍ لقيمتها .
و في النهاية ، قال جاري : كثيرا ما نسيء
الظن بقيمة ما حولنا من أشياء ، نحسبها
رخيصة
فنـُصـدرُ عليها أحكاما متسرعة بناءً على الوهم ، ولا نعلم أن الجواهر الثمينة
يمكن أن تكمن في داخلها .
وكثيرا ما تـُعجبنا الأشياء التي حولنـا لجمال مظهرها ولكنها في
الحقيقة لا تـُساوي
شيئـًا ! و ينطبق هذاالكلام على الناس قبل الأشياء أيضا ..
شكرتُ جاري أبا محمـد على قصتـه وحكمته وانصرفت .
أتمنى أن يقرأ كل
شبابنا هذا النص القصير ..