لـِلـّهِ
ما قـَبْـلي و مـَن قـَبْـلي و لـِلـّهِ ما بـَعـْدي و مـَن بـَعـْدي .
جـِئتـُكِ
يا دنيـا ضعيـفـًا ،عُـريـانـًا ، مـُعـدَمـًا ، و حافي
القدمين وسوف
أغادرُك
كذلك.. لفـّـُوني عند ولادتي برداء ٍٍ لا جيوب له ، و سوف يلفـّونني
عند
مغادرتي برداء ٍ مشـابـه إذ ْ جـُعـِلـَت ِ الجيوبُ للمـال و اللـوازم ، ولا
حاجة لي بهما
في الحالتين . لم أكـُنْ قـبْلَ الرداء ِ الأوَّل ِ شـَيـّا ، و
سـأ ُصبحُ -
كمن سبقني إلى الآخرة ِ - مِن بـَعد ِ
الأخيـر ِ طـَيـّا .
لقد كان ما
قبلي لـِلـّه فوهبـَني منه أسبابَ الحيـاة . وهبـَني النـّـِعَم التي لا
تـُحصى و
وضَعها بين يديَّ أمانة .. أستخدمُها بما
يُرضيه ثم أ ُعيدُها
طاهرة ً
إليه . وهبـَني الأرضَ أتبـوَّأ ُ فيها حيثما أشـاء و كيفما أشاء ؛
و سخـّر لي
الأنعـام و البحـر و السمـاء . وهبـَني الوالدين و الأقربين
و الأصدقاء
؛ وجعل بيني و بين عـُمـّار الأرض علاقة ًإنسانية ً و إخاء !
كبـِرْتُ
فـأكـْبـَرْتُ عظـَمـَة َ اللـهِ و فضْـلِه ، و لم أستـكبرْ يومـًا .. فكيف
يـشعرُ
بالكـِبْر ِ مَن أصلـُه علـَقـة ً أو ما دونهـا ! رأيـْتُ النـَّاس يتهالكون
على المـال
و الجـاه و البُنيـان ، يركضون كوحوش
البرّيـّة .. يجمعون
لغيـْرهم
الحلال و الحرام ، ناسين أنهم غيرُ
مخـلـّدين و أنهم عائدون
سِـيرَتهم
الأولى .. فالحياة ُ لهوٌ و وُعود ، و بعدهـا بيتٌ في المساحة
محدود ، ولا ناصرَ لهم إلا عملهم و ما أودعوه أمانة ً بيـَد
ِ خالقـِهم .
ما أصعبَ الأسئلة
التي سيُسألـُونها يومئـذ ٍ في مـَعادهـِم :
أين مَالـُـكَ يا من ملكـْتَ الدنيا ؟ من أينَ
جمعتـَهُ و كيفَ أنفقـْتـَه ؟
هات
ِخـَبـّـِرنا عن شبابك ، كيفَ أمـْضيـْتـَه ؟
يا راعـِي
! ماذا فعـلـْتَ برعيـّـتك ؟
يا عالـِم
! ماذا فعلتَ بعلمـِك ؟
فليـُحاولْ
كلّ ٌ مِنـَّا الخـروجَ من الدنيا و قد نالَ الناسُ منه حقوقــَهم ،
ما استطاع
َ إلى ذلك سبيـلا .. و ليكـُنْ كـُلّ ُ ما سـيترُكـُه بعدَ ذلك لِـلـّه..
بيتـًا كان
أو شجرة
، مالا ً كان أو عِلمـًا ليَنتفعَ بها مَن سيعمـُر المكان
بـَعدَه ، و لتكـُنْ جميعـُها خلـْفـَهُ صدقـة ًجارية ً في سبيل اللـه ..!
أمّا مَن هُم
بَعدهُ فهُم للـّه أيضًا ، هو أولى بهم ..
يَرْزُقـهم ويرْعاهُم .
فكما
كـُنـَّا سيكونون .. و كما انتهينـا ، و إلى ما انتهينـا ، سينتهون !