الخميس، 29 أغسطس 2013

لـِلـّهِ






















لـِلـّهِ ما قـَبْـلي  و  مـَن قـَبْـلي و  لـِلـّهِ ما بـَعـْدي  و مـَن بـَعـْدي .
جـِئتـُكِ يا دنيـا  ضعيـفـًا  ،عُـريـانـًا ، مـُعـدَمـًا ، و حافي القدمين  وسوف
أغادرُك كذلك.. لفـّـُوني عند ولادتي برداء ٍٍ لا جيوب له ، و سوف يلفـّونني
عند مغادرتي برداء ٍ مشـابـه إذ ْ جـُعـِلـَت ِ الجيوبُ للمـال و اللـوازم  ، ولا
حاجة لي بهما في الحالتين . لم أكـُنْ  قـبْلَ  الرداء ِ الأوَّل ِ شـَيـّا ، و
سـأ ُصبحُ - كمن سبقني إلى الآخرة ِ -  مِن بـَعد ِ الأخيـر ِ طـَيـّا .

لقد كان ما قبلي لـِلـّه فوهبـَني منه أسبابَ الحيـاة . وهبـَني النـّـِعَم التي لا
تـُحصى و وضَعها بين يديَّ  أمانة .. أستخدمُها بما يُرضيه ثم أ ُعيدُها
طاهرة ً إليه . وهبـَني الأرضَ أتبـوَّأ ُ فيها حيثما أشـاء و كيفما  أشاء ؛
و سخـّر لي الأنعـام و البحـر و السمـاء . وهبـَني الوالدين و الأقربين
و الأصدقاء ؛ وجعل بيني و بين عـُمـّار الأرض علاقة ًإنسانية ً و إخاء !

كبـِرْتُ فـأكـْبـَرْتُ عظـَمـَة َ اللـهِ و فضْـلِه ، و لم أستـكبرْ يومـًا .. فكيف
يـشعرُ بالكـِبْر ِ مَن أصلـُه علـَقـة ً أو ما دونهـا ! رأيـْتُ النـَّاس يتهالكون
على المـال و الجـاه  و البُنيـان ، يركضون كوحوش البرّيـّة .. يجمعون
لغيـْرهم الحلال و الحرام ،  ناسين أنهم غيرُ مخـلـّدين و أنهم عائدون
سِـيرَتهم الأولى ..  فالحياة ُ لهوٌ و وُعود ،  و بعدهـا بيتٌ في المساحة
محدود ،  ولا ناصرَ لهم إلا عملهم و ما أودعوه أمانة ً بيـَد ِ خالقـِهم .
 ما أصعبَ  الأسئلة  التي سيُسألـُونها يومئـذ ٍ في مـَعادهـِم   :
 أين مَالـُـكَ يا من ملكـْتَ الدنيا ؟ من أينَ جمعتـَهُ و كيفَ أنفقـْتـَه ؟
هات ِخـَبـّـِرنا عن شبابك ، كيفَ أمـْضيـْتـَه ؟
يا راعـِي ! ماذا  فعـلـْتَ برعيـّـتك ؟
يا عالـِم ! ماذا  فعلتَ بعلمـِك ؟

فليـُحاولْ كلّ ٌ مِنـَّا الخـروجَ من الدنيا و قد نالَ الناسُ منه حقوقــَهم ،
ما استطاع َ إلى ذلك سبيـلا .. و ليكـُنْ كـُلّ ُ ما سـيترُكـُه بعدَ ذلك  لِـلـّه..
بيتـًا كان أو  شجرة  ، مالا ً كان أو عِلمـًا ليَنتفعَ بها مَن سيعمـُر المكان
بـَعدَه  ، و لتكـُنْ جميعـُها  خلـْفـَهُ  صدقـة ًجارية ً في سبيل اللـه ..!
أمّا مَن هُم بَعدهُ  فهُم للـّه أيضًا ، هو أولى بهم .. يَرْزُقـهم ويرْعاهُم .
فكما كـُنـَّا سيكونون .. و كما انتهينـا ، و إلى ما انتهينـا ، سينتهون !