الوردة
في هدأة
صبح ٍ نديّ ٍ باكر ٍ لليلة ٍ من ليالي شهر أيلول .. تدلـّت من غصنها وردة ٌ
لم ألاحظ
وجودها في الأمس . أثارت تلك الوردة فضولي ،
فشهر أيلول لا يتفتـّح
فيه الورد في
حديقتي على الأغلب . تأملتـُها فعرفت ُ أنها
قد تفتحت في الهزيع الأخير من الليلة الفائتة حين كنتً ساهرًا في الشـُرفة .
ما سرّ هذه
الوردة ؟ و ماذا يعني انطلاقها نحو الحياة
و النـّـُور في أواخر الصيف
و أوائل
الخريف ؟ اقتربتُ منها و نظرتُ في مُحيـّاها مَليـّـًا .. و عند ذلك عرفتُ
بأن العينَ
لا ترى حقائق الأشياء و إنما هو الإدراك
!! فلقد زاغ بعدها مني البصر و رحتُ أرى
الأشياء بعين بصيرتي !
أغمضتُ
عينيّ ! فلم يكن لي فيهما في تلك اللحظة حاجة ، و رحتُ استعرض تاريخ
تلكَ الشُجيرة من الورد ..أذكر أنّ عمرها خمس سنوات
و أنني أحضرتها من مشتل ٍ
للورود حيث
اخترتها من بين عشرات الشجيرات ، أو فلنقـُلْ بأنّ الصدفة قد حدتْ
بها لتكون
من ورود حديقتي .
في نيسانَ
من كل عام ، تصبح تلك الشجيرة كتلة ً من الورود يغيب من حولها ألق
الأزهار
الأخرى . كانت مليكة الأزهار في حديقتي .. قد أستطيع أن أصف لونها
و لكنني لا
أستطيع أن أصف عطرها و هل من بشر ٍ يستطيع أن يصف عطر وردة
من الورود
أو طعم فاكهـة من الفواكه ؟
صحوتُ من
غفلتي و رحتُ أنظرُ الآن إلى الوردة بعين بصري لا بعين بصيرتي،
فرأيتُ
حبـّاتِ الندى قد اختبـأتْ بين أجفانها فمددتُ يدي و أمسكتُ بـِعُـودهـا برفق ٍ
و حنان .
شعرَت الوردة ُبارتجاف يدي فتساقطتْ حباتُ الندى من بين أجفانها
فعرفتُ
أنها تبكي نفسـها أو ربما تبكي نيسانهـا !