فا يز ابـو الـكـا س
فنظرت إليه نظرة غضب و أجابته بحدّة :لأ ....فدخل حانوته معلقا ً: يخرب بيتها على
هالشَّعر ،نازل لـنُص الظـَهر ! و ِلا ّ اعيونها هالخـُظـر! ... يا زلمة شو هالزين عندالنـَوَر! ماكادت سلمى تلمحُ بعض النسوة يجلسنَ في الحارة ، والغِـيبة من أفواههن فوّ ارة ، حتى اقتربَت منهنّ و حـيـّتهن : عالعافية يابنات ! معاي خرز للمحبة و حـِنّة للستات، معاي اعقود ،معاي بكلات . خطاطة ، وبشوف البخت . بصّارة برّاجة..
نادتها إحدى النسوة :تعالي يا بنت شوفيلي بختي المايل ، مع جوزي أبو هايل !
رمَت سلمى الودَعات ، وقبل أن تُخبر أم هايل بشيء ممَا فات ، أو ما هو من الزمان آت قالت : بـَيـّضي الفال يا أم هايل ! فرمت أم هايل في حضن سلمى نصف دينار لعلها تخبرها بالأسرار، و خصوصا غياب أبو هايل عن الدار . خطـّت سلمى بالودع لكُل ِ نساء الحارة ، و الجارة نادت للجارة ، حتى جمعَت خمسة دنانير و زجاجتين من الزيت ، لحاجتها لهما في البيت .
باعت سلمى لنساء الحارة الثانية خرزتين للمـحبّة ، و عقدين انـْحيل و نصف اوقية شبـّة ، و وعدتهن بالمناجل ، في القريب العاجل ، ثم سلكت طريق العودة .
وعند أطراف القرية رأت بيتا ً، فدخلت ساحته لتطلب من أهله طحينا أو زيتاً خرجت اليها امرأة عجوز يتبعها ثلاثة أطفال ، يبدو عليهم الفقر و الهـزال .قالت سلمى : أنا شحادة ، فهل عندكم من الطحين زيادة ؟
ضحكت العجوز بفم يشبه الجورة ، أو حبّة الكوسى المنقورة ، ولم يكن في فمـها غير ناب ٍ واحد كان من السقوط قد نـجا ، و قالت بتهـكم : التمّ المتعوس على خايب الرجا . ..أنا يابنتي جدة هؤلاء الأيتام ، وأبوهم توفي قبل ثلاثة أعوام . إجلسي ... إحكيلي قصتكْ ، و قديش بيعطوك ِ من الشحدة حصتكْ ، و خلـّي هالأولاد يتسلوا . جلست سلمى بعد شعورها بالأمان ، وحولها ثلاثة من الصبيان وراحت تغني و تقول ... وعـُمْر القرّاء يطول :
هناك من خلف التلالْ :كان لي عم ٌ و خالْ
كان لي عشُ الدلالْ : جعلتـُه في داليـَة ْ
كان زوجي شاعراً : جاد َ ألوان َالغناءْ
حتى جاء الغـُرباءْ :صار قومي (جاليـَة ْ)
شيخُنا قال لنا : إنا مللنا ذا المكان
يا قوم إنا لم نجـدْ : في أرضنا برَ الأمان
هيـّا نمشي للبعيد : للأراضي الفاضلة
يسود ُنا الأمنُ هناك : و ننتمي للقافلة
نحن قومٌ رُ حـّل ُ : أ ُصولنا من المَـجَر
(نازيٌ) قد حاربـَنا : ثم دعانا بالغـجَـر
كُنـّا فرسان الزمـانْ :في بلاد الهـند شـرقا
نحن شعب ُ التـُرْ كُمانْ : أطيبُ الأقوام عِـرقا
هل عرفتم صبيـتي : أصلي و أصلَ إخوتي ؟
وهـذا دينارٌ لكـم : إن حفظتـم قصّـتي !
أعطت سلمى الأطفال دينارا ً ثم ناولت العجوز زجاجة من الزيت ، و بعدها غادرت البيت ، متجهة نحو قبيلتهـا ....
هـذا جانبٌ من قصة سلمى الغجرية التي يخافها الأطفال ، و يلوكُ ظنا ً بسمعتـِها الرجال... همومها محدودة ، فلا ضرائب على سقف الدار ، ولا شكوى من الأسعار . و كما قال في قومها عرار ، لا احترابَ عندهم على فلس ٍ ، ولا قيمة بينهم لدينـار ... قومٌ حياتهم السفر... و سر سعادتهم السهر .. . لا يخافون القادم ، ولا يحملون من الماضي ضجر. قوم يحبّون الحرية إلى حدٍ بات بعض الناس فيه يقولون : ياليتنا كنا غـَجَر !!