الجمعة، 8 مارس 2013

قصة سلمى الغجرية (2)

فا يز ابـو الـكـا س


 

فنظرت إليه نظرة غضب و أجابته بحدّة :لأ ....فدخل حانوته معلقا ً: يخرب بيتها على

هالشَّعر ،نازل لـنُص الظـَهر ! و ِلا ّ اعيونها هالخـُظـر! ... يا زلمة شو هالزين عندالنـَوَر! ماكادت سلمى تلمحُ بعض النسوة يجلسنَ في الحارة ،  والغِـيبة من أفواههن فوّ ارة  ، حتى اقتربَت منهنّ و حـيـّتهن : عالعافية يابنات ! معاي خرز للمحبة و حـِنّة للستات، معاي اعقود ،معاي بكلات . خطاطة ، وبشوف البخت . بصّارة برّاجة..

 

نادتها إحدى النسوة :تعالي يا بنت  شوفيلي بختي المايل ،  مع جوزي أبو هايل  !

رمَت سلمى الودَعات ، وقبل أن تُخبر أم هايل بشيء ممَا فات ، أو ما هو من الزمان آت  قالت : بـَيـّضي الفال يا أم هايل  ! فرمت أم هايل في حضن سلمى نصف دينار لعلها تخبرها بالأسرار، و خصوصا غياب أبو هايل عن الدار . خطـّت سلمى بالودع لكُل ِ نساء الحارة ، و الجارة نادت للجارة  ، حتى جمعَت خمسة دنانير و زجاجتين من الزيت ،  لحاجتها لهما في البيت .

باعت سلمى لنساء  الحارة الثانية  خرزتين للمـحبّة ،  و عقدين انـْحيل و نصف اوقية شبـّة ،   و وعدتهن بالمناجل ،  في القريب العاجل  ، ثم سلكت طريق العودة .

 

وعند أطراف القرية رأت بيتا ً،  فدخلت ساحته لتطلب من أهله طحينا أو زيتاً خرجت اليها امرأة عجوز يتبعها ثلاثة أطفال ،  يبدو عليهم الفقر و الهـزال .قالت سلمى : أنا شحادة ،  فهل عندكم من الطحين زيادة ؟

ضحكت العجوز بفم يشبه الجورة   ، أو حبّة الكوسى المنقورة ،  ولم يكن في فمـها غير ناب ٍ واحد  كان من السقوط قد نـجا  ، و قالت بتهـكم   : التمّ  المتعوس على  خايب الرجا . ..أنا يابنتي جدة هؤلاء الأيتام   ، وأبوهم  توفي قبل ثلاثة أعوام . إجلسي ... إحكيلي قصتكْ ، و قديش  بيعطوك ِ من الشحدة حصتكْ  ،  و خلـّي هالأولاد يتسلوا . جلست سلمى بعد شعورها بالأمان ،  وحولها ثلاثة من الصبيان   وراحت تغني و  تقول ... وعـُمْر القرّاء يطول  :

 

هناك من خلف التلالْ  :كان لي عم ٌ و خالْ

كان لي عشُ الدلالْ  : جعلتـُه في داليـَة ْ

 

كان زوجي شاعراً : جاد َ ألوان َالغناءْ

حتى جاء الغـُرباءْ  :صار قومي (جاليـَة ْ)

 

شيخُنا قال لنا     :  إنا مللنا ذا المكان

يا قوم إنا لم نجـدْ :  في أرضنا  برَ الأمان

 

 

هيـّا  نمشي  للبعيد : للأراضي  الفاضلة

يسود ُنا الأمنُ هناك  : و ننتمي للقافلة

 

نحن قومٌ  رُ حـّل ُ   :  أ ُصولنا من المَـجَر

(نازيٌ) قد حاربـَنا  :    ثم دعانا بالغـجَـر

 

كُنـّا فرسان الزمـانْ :في بلاد الهـند شـرقا 

نحن شعب  ُ  التـُرْ كُمانْ : أطيبُ الأقوام عِـرقا

 

هل عرفتم صبيـتي  : أصلي و أصلَ إخوتي  ؟

 وهـذا دينارٌ لكـم :    إن حفظتـم قصّـتي  !

 

أعطت سلمى الأطفال دينارا ً ثم ناولت العجوز زجاجة من الزيت ،  و بعدها غادرت البيت  ، متجهة نحو قبيلتهـا ....

هـذا جانبٌ من قصة سلمى الغجرية التي يخافها الأطفال ،  و يلوكُ ظنا ً بسمعتـِها الرجال... همومها محدودة ، فلا ضرائب على سقف  الدار ، ولا شكوى من الأسعار . و كما قال  في قومها عرار ، لا احترابَ عندهم على فلس ٍ ،  ولا قيمة  بينهم  لدينـار ...  قومٌ حياتهم السفر... و سر سعادتهم السهر .. . لا يخافون القادم ، ولا يحملون من الماضي  ضجر.  قوم يحبّون الحرية إلى حدٍ  بات بعض الناس فيه  يقولون : ياليتنا كنا غـَجَر  !!