40

فـا يـز ا بـو ا لـكـا س
جلسَتْ ، و الحيرة ُ تنزفُ من غطاء ِ سريرها البارد ، تـُداري بشُرودها ما خفيَ من نقمة ٍعلى
ظلم الأيام . يهطل الوهم ُغزيرا ً بين صحوها و غياب رُشدها فتلجمُـه بلجام ٍ من السخرية .
تبني جداراً من كبرياءٍ على حدود السماء ثم لا تلبث أن تنقضه حجرا ًحجرا ً . تخاف من مصير
(سنمـّار) فتجازي نفسها بنفسها. تقضي أن تقبعَ شذراتُ وهمها في معتقل ٍ لا تدخله ريحُ صرصر .
تملأ خواءَ أعجاز ِ نخلها بظنونها فتـُغلـِق ُ بذلك النوافذ َ أمام ملاك الأمل . أجزاء ُ من كـُلـّها تبحث
عن مثيلاتهـا بين أكوام ٍ من قش ّ الذكريات . تتداخل في مرآتها الخطوط ُ وتتشابكُ في متاهة.
لا تلبث ُ أن تتوه َ بصيرتـُها في أنفاق خُـلد ٍ مبصر ٍ أو وكر ِ ثعلب ٍ أعمى . تخالُ ضبابَ روحها
يعرجُ إلى قمة ٍ لا تصلها كواسرُ الطير فتشعرُ بالتضاؤل ثم تخرّ منكسرة ًإلى حافة الزمن الرديء
لتبتلع َ من عواصف الوحدة رصاصة ََ الرحمة ... يتبدد مخزونُ رجاءهـا ليصبح َ سرابا ً ترتوي منه
أشجارُ الصُـبّار في صحراء روحها. غدا ً ستبلغ الأربعين خريفا ً ولم تمتط ِ في سالف ربيعها حصانا ً
أبيضَ يصهل فوق مروج البهـجة ، ولم تسبحْ خلفها عباءة ُ آدم كموجة تائهة . إنها ترى أنّ الأفق
أضيق ُ من أن تحلق َ به قبـّرة ُ القادم من الأيام . يسود أحلامـَها نزَق ٌ مزلز ِل ٌ من شوق ٍ و انتظار ٍ
لساعة اللقاء . تتمزقُ أ شرعة ُ آدم َ في البعيد و هاهي حواء ُ تحد ّق في قدور ِ الأيام تغلي و لم يصل
آدم ُ بعد . تـسمعُ من مسافات ِ الخيال قطار َالزمن ، يصفر ُ دون أن يصل . دويّ ُ عجلاته يختلجُ
في تجويف صدرها ولا تدري إنْ كان هذا القطارُ يسلك طريق القادمين أم أنـّه يلوّح ُبدخانه مودعا ً
في طريق المغادرين .