حمـاتي حبيبتي !
د. فايز
أبو الـكا س
أراد أبو علي ، المغلوب على أمره بين رأي
زوجته وبـِرّه بـوالدته ، أن يذهب
في رحلة
بسيارته البيك آب ذات الغمارة الواحدة و الصندوق المغطى بشادر
قديم كانت الشمس قد أخذت كامل نصيبها من لونه و
الريح من بعض حصتها
من أطرافه .
في ليلة التحضير للرحلة ، و كانت ليلة نابغية ، سهر فيها أبو علي حتى الواحدة بعد منتصف الليل
محاولا إقناع أم علي بأن تجلس في صندوق
البيك آب
مع أولادها تاركة المجال لحماتها ولا سيما هي الحماة كبيرة السن
و أم
الجميع أن تجلس بجانب السائق . رفضت الزوجة أم علي هذه الفكرة و
ادّعت أن الصندوق مريح أكثر لحماتها لأنها من الوزن
الثقيل ولا يكاد
الكرسي الأمامي
يتسع لـ (كرشِها ) .
وبعد جدال
عنيف بين الزوجين اللذين راح كل منهما يتهكـّم على حماته ليس
كـُرهًـا
ولكن نكاية ً بتشبـّث الطرف الآخر برأيه ، لم يصل الطرفان إلى قرار.
الزوج : لا تتكلمي عن حجم أمي ، فأمك ِأكبرحجما .هل تذكري كيف وضعتْ
الأحوال المدنية نصف صورتها على وجه
الهوية مع ملاحظة تقول :
إقلب البطاقة لترى بقية الصورة !
الزوجة : أشكرُك ! ولكنكَ نسيتَ حجم أمـّـِكَ التي لا
يعرفُ جليسُها أنّ الدنيا
نهارًا و الشمس ساطعة إلا عندما تضطجع
!
الزوج : أمّي؟؟ !! أما أنتِ فقد نسيت ِ أمّك ِ
عندما نزلتْ للتفتيش على الحدود ،
حَسبتـْها المفتشة الجمركية أنها تهرّب
فوكس فاجن في مُؤخّرة عباءتها !!
الزوجة : منتهى الكلام ..أنا لن أجلس في الصندوق لأترك المجال لأمك ترتاح
في كرسي (الأوضَة)ثم أجلس أنا مع
الأمتعة و ينظر إليّ كلّ ُ من هبَّ و
دبّ.. نسيتُ أن أقول : أتذكـُر يوم
احتاجَ الأولاد حبْلا لعمل أرجوحة
ولم يجدوا فقامت أمـّـُك و حلت دكة
سروالها و عملت لهم أرجوحة ؟؟
الزوج : ( غاضبـًا ولكن بصوت منخفض و يريد أن يُساير زوجته ، فالساعة
تقترب من الواحدة ليلا ولا يريد أن يُسمـِع
الجيران جـِدالهما )
لا ! لا ! هذا كلام زائد عن حدود
الأدب ! ماذا أقول إذن أنا عن حماتي
( اللهم ّلاتكتبها عليَّ غيبـة ً) عندما وطئتْ على ذيل القط فأصبح ذيله
رقيقا
مثل زعنفـة ذيل السمكة ؟
الزوجة : إسمع يا (أبو علي) خذ أولادك و أمك في
الرحلة وأنا سأبقى في البيت !
الزوج : (
يا حـُـرمة) ، أنت ِ بدأت ِ بالكلام ، أليس كذلك؟ و الأمر كله
(مزح) ! هل تسمحي لي بكلمة أخيرة فسوف أموتُ إن بقيـَتْ
بــِبالي ؟
الزوجة : تفضل يا عادل إمام !
الزوج : دُرْتُ مرة ً بالبيك آب حول حَماتي .. صفـَّر
عدّاد البنزين !!!
الزوجة : وأنا هل تسمح لي بكلمة أخيرة ؟ هل تذكر
عندما حاولتُ أن أكوي
سروال أ ُمـَّك - أعني حماتي – فـَفرشتُ
سجادتين بساحة الدار؟
الزوج : والله حرام كل هذا الكلام ..لا فرق بين أمّي
و أمّك ! انتهى
الموضوع ولكن الحق و أقولها صراحة لوجه
اللـه أن أمك أكبر
حجما من أمي ! أتذكري عمّي ( الله
يسهّل عليه) عندما وضع بين
غرفته و غرفتها 3 مطبـّات صناعية خوفا من هجومها المفاجيء
عليه ساعة غضب ؟
الزوجة : إن كنتَ تريـد أخذ أمّك في الرحلة ( مِن كـُل و لا بـُد) ،
دعني أخلع دشْ الستلايت لعمل السلطـة !
الزوج : يا بنت الحلال ، اقتربَ طلوع الفجر و لم
نقرر من سيركب بالغمارة!
آه .. تذكرتُ ! _ آخر مرّة و لن أتكلم
بعد ذلك _ هل تذكرين القصة
عندما اشترى عمي إلى أمك كـُرّيزة
الهيلاهوب يوم خِطـْبته لأنه لم يجد
خاتما على مقاس إصبعها ؟ و هذه أخر مرة ( أجيب سيرة عمتي فيها ..!
خلـَصْ حَـرام )!
الزوجة : ، بالمناسبة يا (أبو علي) ما دامت
الإنتخابات البلدية قريبة ، هل
تعلم أنّ دائرة أمك الإنتخابية في
الهوية مكتوب بها – جميع دوائر
المملكة - يعني حماتي _أطال الله بعمرها_ تملك 27 صوتـًا !!
الزوج : (لا يستطيع أن يفتح عينيه من النعاس ) :
طيّب ! ما رأيك أن ندعو
حماتي
، أعني أ ُمـّك يا حياتي ، للجلوس في
الغمارة بدل أمي ..
وتجلسي مع أمي في الصندوق الخلفي . و سوف
يفرح لهذا الحل
جميع الأولاد . فـِكرة ! أليس كذلك ؟
و إن وافقـْت ِ على ذلك ، دعيني أذهب لأضع
شحمة حول باب
سيارة البيك آب من الآن لتسهيل دخول
حماتي !!
ولم يلبث أنْ أدركَ أبا عليّ و أمَّ عليّ الصباح ؛ و سكت
الإثنان عن
الرّدْح ِ و الصيــاح .