الخميس، 4 يوليو 2013

حمـاتي حبيبتي !















حمـاتي حبيبتي !                         

د. فايز أبو الـكا س

 أراد أبو علي ، المغلوب على أمره بين رأي زوجته  وبـِرّه بـوالدته ، أن يذهب
في رحلة بسيارته البيك آب ذات الغمارة الواحدة و الصندوق المغطى   بشادر
 قديم كانت الشمس قد أخذت كامل نصيبها من لونه و الريح من بعض حصتها
من أطرافه . في ليلة التحضير للرحلة ، و كانت ليلة نابغية ،  سهر فيها أبو علي حتى الواحدة بعد منتصف الليل محاولا إقناع أم علي بأن تجلس في صندوق
البيك آب مع أولادها تاركة المجال لحماتها ولا سيما هي الحماة كبيرة السن
و أم الجميع أن تجلس بجانب السائق . رفضت الزوجة أم علي هذه الفكرة و
ادّعت  أن الصندوق مريح أكثر لحماتها لأنها من الوزن الثقيل ولا يكاد
الكرسي الأمامي يتسع لـ (كرشِها ) .
وبعد جدال عنيف بين الزوجين اللذين راح كل منهما يتهكـّم على حماته ليس
كـُرهًـا ولكن نكاية ً بتشبـّث الطرف الآخر برأيه ، لم يصل الطرفان إلى قرار.

الزوج : لا تتكلمي عن  حجم أمي ، فأمك ِأكبرحجما .هل تذكري كيف وضعتْ   
          الأحوال المدنية نصف صورتها على وجه الهوية مع ملاحظة تقول :
           إقلب البطاقة لترى بقية الصورة !
الزوجة : أشكرُك ! ولكنكَ نسيتَ حجم أمـّـِكَ التي لا يعرفُ جليسُها أنّ الدنيا
           نهارًا و الشمس ساطعة إلا عندما تضطجع !
الزوج : أمّي؟؟ !! أما أنتِ فقد نسيت ِ أمّك ِ عندما نزلتْ للتفتيش على الحدود ،  
           حَسبتـْها المفتشة الجمركية أنها تهرّب فوكس فاجن في مُؤخّرة عباءتها !!
الزوجة : منتهى الكلام ..أنا لن أجلس في الصندوق  لأترك المجال لأمك ترتاح
            في كرسي (الأوضَة)ثم أجلس أنا مع الأمتعة و  ينظر إليّ كلّ ُ من هبَّ و   
            دبّ.. نسيتُ أن أقول : أتذكـُر يوم احتاجَ الأولاد حبْلا لعمل أرجوحة
            ولم يجدوا فقامت أمـّـُك و حلت دكة سروالها و عملت لهم أرجوحة ؟؟
الزوج : ( غاضبـًا ولكن  بصوت منخفض و يريد أن يُساير زوجته ، فالساعة
            تقترب من الواحدة ليلا ولا يريد أن يُسمـِع الجيران جـِدالهما )
           لا ! لا ! هذا كلام زائد عن حدود الأدب ! ماذا أقول إذن أنا عن حماتي
           ( اللهم ّلاتكتبها عليَّ غيبـة ً)  عندما وطئتْ على ذيل القط فأصبح ذيله     
           رقيقا مثل  زعنفـة ذيل السمكة ؟
الزوجة : إسمع يا (أبو علي) خذ أولادك و أمك في الرحلة وأنا سأبقى في البيت !
الزوج :  ( يا حـُـرمة) ، أنت ِ بدأت ِ بالكلام ، أليس كذلك؟  و الأمر كله
            (مزح) !  هل تسمحي لي بكلمة أخيرة فسوف أموتُ إن بقيـَتْ بــِبالي ؟
الزوجة : تفضل يا عادل إمام !
الزوج : دُرْتُ مرة ً بالبيك آب حول حَماتي .. صفـَّر عدّاد البنزين !!!
الزوجة : وأنا هل تسمح لي بكلمة أخيرة ؟ هل تذكر عندما حاولتُ أن أكوي
          سروال أ ُمـَّك - أعني حماتي – فـَفرشتُ سجادتين بساحة الدار؟
الزوج : والله حرام كل هذا الكلام ..لا فرق بين أمّي و أمّك ! انتهى
          الموضوع ولكن الحق و أقولها صراحة لوجه اللـه  أن أمك أكبر
          حجما من أمي ! أتذكري عمّي ( الله يسهّل عليه) عندما وضع بين
          غرفته و غرفتها 3 مطبـّات  صناعية خوفا من هجومها المفاجيء 
          عليه ساعة غضب ؟
الزوجة : إن كنتَ تريـد  أخذ أمّك في الرحلة ( مِن كـُل و لا بـُد) ،
            دعني أخلع دشْ الستلايت لعمل السلطـة !
الزوج : يا بنت الحلال ، اقتربَ طلوع الفجر و لم نقرر من سيركب بالغمارة!
        آه .. تذكرتُ ! _ آخر مرّة و لن أتكلم بعد ذلك _ هل تذكرين القصة
        عندما اشترى عمي إلى أمك كـُرّيزة الهيلاهوب يوم خِطـْبته لأنه لم يجد
        خاتما على مقاس إصبعها  ؟ و هذه أخر مرة ( أجيب سيرة عمتي فيها ..!
         خلـَصْ حَـرام )!
الزوجة : ، بالمناسبة يا (أبو علي) ما دامت الإنتخابات البلدية قريبة ، هل
           تعلم أنّ دائرة أمك الإنتخابية في الهوية  مكتوب بها – جميع دوائر
          المملكة -  يعني حماتي _أطال الله بعمرها_ تملك 27 صوتـًا  !!
الزوج : (لا يستطيع أن يفتح عينيه من النعاس ) : طيّب ! ما رأيك أن ندعو
        حماتي ، أعني أ ُمـّك يا حياتي ،  للجلوس في الغمارة بدل أمي ..
       وتجلسي مع أمي في الصندوق الخلفي . و سوف يفرح لهذا الحل
        جميع الأولاد .  فـِكرة ! أليس كذلك ؟
         و إن وافقـْت ِ على ذلك ، دعيني أذهب لأضع شحمة حول باب
         سيارة البيك آب من الآن لتسهيل دخول حماتي   !!

        ولم يلبث أنْ  أدركَ أبا عليّ و أمَّ عليّ الصباح ؛ و سكت الإثنان عن
        الرّدْح ِ و الصيــاح .