من أدب الأطفـال العالمي
الوردة و العندليب
فكرة الكاتب
الإيرلندي الكبير أوسكار وايلد
كـُتبت
بتصرف زائد ..
البرد في
الخارج شديد ، و فصل الشتاء في منتصفه .. أما الأشجار فقد خلع بعضها الأوراق لتقف
عارية تتحدى الريح و الصقيع . كانت الشمس تبزغ باهتة ثم لا تلبث أن تحتجب وراء
السحب المسرعة ..في داخل الغرفة جلس الشاب فاتحا كتابه دون أن يتمكن لشروده من
قراءة صفحة واحدة ، ففي الغد سيجتمع
الشباب في حفل ٍ سنوي في المدينة و ستكون بين الحضور حبيبته التي يتوق لرؤيتها ثم
الرقص معها .
لاحظ
العندليب وجوم الشاب فاقترب من النافذة واستمع للشاب وهو يكلم نفسه : كيف لي أن
أحضر لها وردة ً حمراء و قد جرّد الشتاء كل شجيرات الورد من أوراقها ! إنها لن
تراقصني غدا إن لم أحضر لها وردة حمراء ! ماذا أفعل ؟ سأفقد حياتي و سعادتي إن لم
أحصل على تلك الوردة!
سمع
العندليب حديث الشاب فحزن عليه و قرر أن يبحث له عن وردة تجلب له السعادة و تمكنه من تكوين بيت و أسرة . طار
العندليب فوق
الحدائق
قبل أن تغيب الشمس باحثا عن وردة تـُدخل السعادة على قلب
حبيبين!
سـأل العندليب جميع أشجار الورد عن وردة حمراء فاعتذرت
لأن البرد
كان يمنعها من إطلاق البراعم .
و صادف أن
كانت شجيرة ورد بجانب شباك الشاب فاقترب منها العندليب
و طلب منها وردة حمراء راجيا منها تلبية طلبه .
إلا أنّ الشجيرة قالت له إن ثمن
الوردة سيكلفك حياتك !
فكّر
العندليب مليا .. هل يجود بحياته من أجل سعادة
حبيبين؟ عاد العندليب إلى الشجيرة
راجيا لكنها أبتْ إلا أن تغرس أشواكها في قلبه ليسري دمه في عروقها و بعد ذلك
ستعطيه الوردة الحمراء المطلوبة !
حلق
العندليب فوق أعالي الأشجار و غرد أغنية حزينة بكت لها الأغصان
فهذه
الليلة ستكون آخر ليالي حياته ثم هبط فوق أشواك الشجيرة التي راحت تنغرس في ذلك
القلب الصغير . أحسّ العندليب بالألم فقالت له الشجيرة :
لا تنقطع
عن الغناء ! غنّ ِ أجمل أغنياتك فإنني سأثمر وردة تسعد حبيبين. و لكنك يا
مسكين لن ترى تلك الوردة في الصباح .
بدأ صوت
غناء العندليب يخفت شيئا فشيئا حتى توقف قبل طلوع شمس الصباح . سقط العندليب جثة
هامدة فبكته كل أشجار الحديقة بدموع الندى.
أما شجيرة الورد
فقد تفتحت على غصنها وردة حمراء جميلة كانت ثمرة
لإسعاد
الغير و رمزا لبذل الروح من أجل الحب.
عندما نهض
الشاب من نومه و رأى الوردة الحمراء لم يصدق عينيه
فأسرع في
قطف الوردة غير آبه ٍ للعندليب الذي ما زالت جثته معلقة
فوق
الأشواك ..لبس الشاب ملابس الفرح و حمل وردته الحمراء و أسرع لا يلوي على شيء نحو
ساحة الرقص في المدينة حيث تجمع الشباب
و الفتيات
هناك في لقاء للأحبة !
تقدم الشاب
بالوردة الحمراء نحو فتاة أحلامه و السعادة تملأ محياه .
تناولت
الفتاة الوردة بينما كان عشرات الشباب يتوددون لها للفوز بقلبها .
و في هذه
الأثناء تقدم منها ابن عمدة المدينة بملابسه الفاخرة و قدم لها
عقدا من
الذهب و مدّ يده لمراقصتها .
ألقت
الفتاة بالوردة بين أقدام الراقصين و راحت تراقص ابن عمدة المدينة
و عند
انتهاء الحفل ، ذهبت معه تاركة ً وراءها قلبين واحدهما مات أمس
و الثاني
سيموت قريبا .