الجمعة، 6 يونيو 2014

كـانون

كـانون






















د. فايز أبو الـكا س



يا شـَهر الحِـيـرة ِ يا كانون 
في بـَرْد ِكَ تـَجْمـُـدُ الكلماتُ 
و يثورُ في الصـدرالحنين .
تـَحْـتمي بعبائـتك الرَّمادية 
ثمَّ تغفو..
و تتركـُني على حافة الظـُلمة
لألجـُمَ البـَوْحَ .. و أ ُخـْفـِي 
شـهْـقـَة َ الأنين .

ليْـلـُـكَ الطويــلُ يـُسافـِرُ بي 
يـأخُـذنـي بيـن ذراعيه ،
كالرَّهيــن .. 
فـأغدو كأوراق الخـريف 
أطـِـيرُ مع ريـح الشّمــال
إلى السّـُكون ..!
إلى بيوت ٍ مـُحْـكـَمة ِِ الأبواب
ينعـَقُ على جـُدرانـِها الغـُراب
و القمـَرُ تحتَ أحجارها دَفينْ .

أ تـَسمَع ُ ما أسمـَعُ يا كانون ؟
ها هُم الغجَـرُ قـادمون !!
كالحقيـقـة ِ غامـِضون !!
كالجـُند يَهـْرَعـُون 
كالغيم يُسـرعـُون
البَـرقُ في سنابـِك ِ خـَيـْلهم
و بصـَرْخاتـِهم الرّ ُعود
عيونهم السوداء 
تمتلىءُ بالوُعود .

ياصاحبَ الذكرى .. و راعيَ الليـل !
أ َخبـِرني عن بُوهيميــا ،
عن ( سَـلمى ) .. و السـَّفـَـر ِ إلى البعيـد 
أ ُحبّ ُ سماع َ حكـايـاتك 
أ ُصغـِي إليكَ كشهْـرَيـار
أنتظـرُ من وجهـَك المُجـعـّد 
أن ْ يكشـِفَ الأسـرار 
عن ( شـُهود الزمـان ) ،
و أسطورة ِالفـُرسـان .

كانونُ يا شـهرَ الأحزان 
إنـّي بحـِضـنـِكَ كالمَخطـوف 
ألقـَى به ِ الغجـرُ طفلا ً..
على لـُحـون ِ النـَّاي و الدّ ُفوف 
أ َمْـتهـِـنُ النـَّوْحَ ..و أعزفُ 
على الشـوق ِ ألحـان َ الكمـان
للعـِقـْد ِ .. للـخِـلخـال
للوشـْم ِ في الجبيـن ِ
للـحـُبّ ِ و الجَمــال
للتـيـه ِ في الشـّـِراع
لـِلـْـقـِرْط ِ في الآذان
لسـاعة ِ الوَداع 

كان لي فيك يا كانونُ حكـاية
نـَهـْـلـُها حُـلـْوُ المَـذاق .. 
و العَـلـْقمُ في طـَعم الثـُمالة
أذرفُ الدمعَ من جـُرحي
و أ ُسافرُ في بحر الأوهــام 
شراعي تدفعُـها الريـحُ
نحو المسـاكن و الخـِيـام
فلا أجد في الشواطيء ِ
غير السَّراب ِ .. و الضـَّباب ِ
و وَطـْـأة ِ الآلام .

و في شِـتائـك الطويل
سيبـدأ ُ الغجـَرُ الرَّحيل
عبـْر فـَيـافي القمـْح ِ و السَّـنابل
و المـاء ِ في الجـداول
بأغا نيهم التي لا تنتهي
للقــادم ِ المجهول .
و أنا هـُنا..
أنتظرُ فيكَ عودتـَهم
فلقد كتبتُ ٍ لهم ألف قصيدة 
يُغنـّونها لـِلـَّيـْل ِ .. للحـُقول 
للحـُبّ ِ .. لرَقـْصـة ِالأغصـان
لـِثـَوب ٍ غـجـَريّ ٍ
مُزرْكش ِ الألـوان 
للحـَبْـل ِ .. للأوتـاد 
في ساعة الوُصـول .

خـُذني إليـْهم يا كانون 
فاليـأس بـِـليْـلـِـكَ .. يغمُرُني
و بـِعَصْف ِ ريـحـِكَ
يحْـمـِلني
إلى البعيد ..
أعـُوم فوق خشـَبـَة 
أتشبـّثُ بالقـشّ ِ العـائم ..
بالمـَوج ِ .. بالصخـور
منتظرا عـَودتـَهم 
كي أ ُكـمـِلََ السـّـُطور !!