الجمعة، 11 أبريل 2014

سهـول الرمثا تخلو من الحياة











سهـول الرمثا تخلو من الحياة

د. فـايز أبو الـكا س

كنتُ كتبتُ يوم  الإثنين  26  تشرين ثاني  2012 مقالة بعنوان سهول الرمثا
تناولتُ فيها عدة نقاط حول الطيور و الحيوانات و الزراعة و البيئة الجميلة
هناك ، وارتأيت اليوم  أن ألقي مزيدا من الضوء حول اقتراب خـُلوّ سهول
 الرمثا من الطيور والحيوانات البرية ، المهاجرة منها و المُقيمة .

يبتهج الإنسان بوحود الحياة حوله ،  يصغي إلى غناء الطيور و يتمتع بحركات
الحيوانات و يراقب سلوك الحشرات و يتـأمل نموالنباتات فيعرف أنّ غيره من الكائنات الحية تشاركه في إعمار الأرض و يتبادل معها المنفعة .
ما أجمل أن يلجـأ الإنسان إلى الطبيعة في يوم ربيعي دافيء فيسمع في سماء
المنطقة قبرة مغرّدة ، أو على بيتٍ من الشوك حَسـّـُونـًا شاديًا أو فوق أسلاك
الأعمدة سربـًا من طيور الخُضّاري الجميلة و هي تعزف ، أو يمر بالقرب منه
ثعلبٌ أحمر و هو يجر ذيله وراءه متجها نحو كروم العنب !

لن أتكلم عن الغزلان التي انقرضتْ في سهول الرمثا الشرقية و لا عن الأرانب
التي بدأ عددها يتناقص بشكل لافت للنظر ولا عن الذئاب و الضباع  و بنات
آوى التي تكاد تكون نادرة ولا عن الثعالب التي حافظ البعض منها فقط على
تواجده في أوكار بعيدة عن السيارات و الكلاب الضالة و حركة البشر .
ما يهمني بهذه العجـالة هو اختفاء الطيور الموسمية التي كانت تملأ أطراف
الرمثا - سهولها و تلالها و أوديتها . وهل لهذا الإختفاء من أسباب ؟

لعلّ العامل المساعد الأول في ندرة أو اختفاء هذه الطيور هو عدم توفر الغذاء
والماء ! لقد كانت سهول الرمثا تنعم بزراعة الحبوب و هي المصدر الرئيس
لغذاء الطيور حيث تتوفر تلك الحبوب في الحقول أولا ثم البيادر ثانيا فكانت
أسراب الحجل    partridge، و الزرعي  lark ،  و الزرزور  starling ،
و الدَرَّاج    courser  ، و السُمـَّان quail ، و الهُـدهد  hoopoe  ،
والزَّقزاق lapwing ، و الحسّون goldfinch  ، و اللقلق stork  ، تتواجد
بكثرة ، و أما طائر الشرشور chaffinch و طائر الصَفـّار whistler
المغرّدان فقد كانا يُجمـّلان الأشجار بأصواتهما الحادة وكانت الطيور هذه جميعاتقصد سهول الرمثا في الربيع لكثرة  حقول الحبوب فيها التي تعطي
البيئة المناسبة لتكاثرالحشرات والتي بدورها  توفر غذاءً إضافيا لهذه الطيور
وخصوصا مع توفر ماء الغـُدران .

لقد شح المطر في هذه المنطقة في الآونة الأخيرة و أصبحت بذور الأعشاب
قليلة جدا و أحجمَ المزارعون عن زراعة الحبوب و جفـّت الأودية و ساعدت
وسائل الزراعة الحديثة من محاريث آلية و مبيدات على القضاء على الكثير
من بذور الأعشاب البرية التي كانت تشكل مصدرًا ثابتا لتغذية تلك الطيور .

أما الصيد الجـائر فيعتبر عاملا مُهمّـا آخرفي القضاء على الكثير من الطيور
أو نـُدرتها الشديدة . لقد انتشرت بنادق الصيد في القرى و المدن و أصبح
الصيد هواية يقتل بها الصيادون كل ما يتحرك أمامهم من كائنات برية حية
حيث حصل بعد هذا التصرف خللٌ في التوازن الطبيعي ، فانقرضت أجناس
و سلالات كثيرة من الطيور كالحسون و الحجل و من الحيوانات كالنيص
   porcupineو الأرنب البري hare .

لقد دأب البعض على انتهاز فرصة نزول طـائر الفـِرّي  quail المهاجر
فوق مياه المتوسط إلى أرض الرمثا بوضع أجهزة تصدر زقزقة هذا الطـائر
فيهبط ظنا منه بوجود أسراب من فصيلته على الأرض و يكون الصيادون
ساعتها بالمرصاد حيث يتم صيد من 60 إلى 70 طائرا في اليوم لكل صياد .
و دأب آخرون على استعمال الشبك في صيد العشرات من طيور الصُفـّار
و التفاحي و الحسـّـُون و الزريقي  jay و نقار الخشب woodpecker ،
و يقوم البعض بجمع الحيوانات الصغيرة كالسـَّناجب squirrel و القنافذ hedgehog و من ثم  بيعها أو قتلها !

إنك لن ترى الآن في سهول الرمثا غير غراب الزرع  jackdaw وهو طائر
رَمـَّام ، و اليمَام dove الذي يعيش قرب البيوت ، وبعض الطيور الصغيرة
كالبلبل bulbul ،و عصفور الدوري المستوطن sparrow ،  و بقية من
الهازجات مثل التفاحي Linnet ، و بعض الجوارح
كالباشق sparrow hawk  ، و البوم    owlو التي يتهددها الفناء إذا لم
تحافظ وزارة البيئة على البقية الباقية منها ، و إذا لم تنشر الوعي بين الناس ،
 و بمساعدة مدرّسي العلوم ،  بأهمية وجود الطيور و الحيوانات و الزواحف
و الحشرات من أجل التوازن البيئي ، و أن تساعد المزارعين على الإكثار
من زراعة الحبوب و عمل السدود الترابية و سدود  الوديان ، و توعية
الصيادين بالخطر الذي يتهدد بيئتنا إذا استمر الوضع على هذا النهج .

و لقد طالت أيدي العابثين حتى الأفاعي السوداء كالحنـَش غير السام
والمسمى  large whip snake ، ( هناك بعض الأحناش السامـّة) ، وهذه
الأحناش تشكل طعاما لبعض الكواسر كما  تعتبر بذاتها مفيدة للمزروعات
لأنها تحارب القوارض  rodents . و هناك من يجمع السـلاحف   tortoise
لبيعها ، أو يقتل السحالي lizard ظنا منه بضررها ، وهناك من يقضي
على كل ما يتحرّك في البيئة من طيور أو حيوانات أو حشرات أو زواحف.