الجمعة، 11 أبريل 2014

أولاد ٌ يـُناجُون أ ُمـّهـم عنـد قبرهـا





 أولاد ٌ يـُناجُون أ ُمـّهـم عنـد قبرهـا

د.فـايز أبو الـكا س

لقـد طـال أمَدُ نومِكِ هَا هُنا ،  فانهضي ! إنـَّا مَلـلـْنـا الإنتظـار،
و سئمنا الوقوفَ بين النصـائب و الأحجـار ! نـُعزّي أنفسنا
بالمشاوير بين البيت و المقبرة  لعلنا نحدّثك  فتسْـتجـيـبـين ، أو
نناديكِ فتسمعين . لم نزَلْ ، ودون جدوى ، نذرفُ الدمـوع ،  و لم
نزَلْ ننتظرُ ساعة َ الرجـوع ! لقد صحَتِ الطيورُ من رُقـادها
و الفراشاتُ من سُبـاتها ،  و ها هي الشمسُ تطـرُدُ ظلامَ الليل ،
و لكنـّك تـُفضـّلين الأ ُفـُولَ و تستعذبين الغيـاب !

إنَّ لكِ فوق الثرى أحبابـًا ينتظرون ساعة شُروقك و لا تـُشرقين !
لـِمَ يا أ َعـَزَّ الأحـِبـَّة ِ و أحلامَ السّـِـنين ! لمْ نرتكبْ  بحقـّك ذنبـًا ،
و لم نكـُنْ يومـًا بالعـاقــّين . فهل نستحقّ ُ هَجْـرَك الطويل !
أتدرين أنـَّا لا نصـدّق الذي جَرَى ؟  لمْ تكوني قاسية ًعلينا فيما
مضى ، ولا ضنيـنـَة ً في التسـامُح ِ و الرّ ِضى .

لا زالتْ قهْوتـُكِ تنتظركِ كلَّ يوم ! تبرُدُ .. و نـُعيدُ تسخينها .. ثم
تبرُد .. ثم نعيدُ تسخينها ..ولمّـا تـأت ِ بَعد ! لمْ نغسـلْ ملابسَك لأننا
نعشقُ فيها عِطرَك  ! لمْ نـُغيـّرْ ترتيبَ غرفتـكِ ، فقد لا يعجبـُك
الترتيب عند عَوْدتك . لا زالتْ صُورتكِ على الجدار.. نكلـّـِمُها
 فنستأنسُ بوجودك بينـنا و نـأمَـلُ أن عودتـَـك قريبـة .

و تمرّ الأيـّام .. ! و تزداد فينا الهواجسُ و الآلام ! نناشدكُ اللـه أن
تعودي . فالبيتُ تصفـُر فيه الريح ، و الحُزنُ في أركانه يستريح .
كلّ ُ غائب ٍ إلى أرضه عاد و لم تعودي.. جاء نيسـان بأزهاره
و لم نـَجـِدْكِ بينها ! قلنا لعلـّكِ تعودين مع ياسمين  تشرين ! و مضى
تشرين !! و خابت بَعدَه آمالـُنا ..  ثم جاء كانونُ وحيـدًا باكـِيًـا بليْلـِهِ
البارد الطويل ، فكدنا نشكّ ُ أنّ  رُجوعَك مستحيل !

و مرَّتْ ثلاث سنوات .. ننتظر في الصباح و المسـاء ، و نعيش بين
الخوف و الرجـاء ! و نحنُ دائما نقول : رُبّما الغيـابُ سيطول ،
أو رُبّما سَـنـَراكِ مع هـلال ِ أيلول ..!

هل ستـتـأخـَّرين ؟؟ نفرُش لك ِ فـِراشك ِ كلَّ ليلة  ، و نطبخُ الطعام
الذي كنتِ تحبـّين ! كيف لا ترجعين ، و لم يزل جرس هاتفك
من الجـاراتِ يرنّ  ، و وَرْدُ الحديقة إليك يَحـِنّ ؟ أ ُمـَّـاهُ ، نرجوكِ
ألا تطيلي الغيـاب ،  فنحن لا نقـْوَى على ترديـد ِ العـِتـاب !
لن نـُغادرَ هذا المكـان دون أن تـَعودي معنـا في موكب الإياب ،
كما غـَدوْنـا سويـّـًا في موكب الذ َّهاب !
انهضـي فسـاحاتُ البيت دونكِ خالية ، و مكـانـُك ِ فـارغ ٌ في ظـِلال
الداليـة !
قـُومِي ، يـاأ ُمـَّنا الحبيبـة ! الشوقُ إليكِ يقتـُلـُنا ، و البـُعدُ عنكِ
يـُذهـِلـُنا ، و إنـَّا دُونـَكِ لتائهون !