الجمعة، 8 مارس 2013

مأساة حمـَـامة




 مأساة حمـَـامة ( قصة للصبيان و الصبايا -15 سنة )

د.فايز ابو الكا س



















خرجْتُ في الصباح الباكر أبحثُ في الحقول و الهضاب و بين الحشائش والأعشاب عن طعامي  فقد كنتُ على وشك الإشتراك ببناء عش لي و لشريكي الذي كان يجمع القشَّ  بمنقاره من الأودية القريبة  بحذر خوفـًا من كواسر الطير و أذى الإنسان
 الذي  تنال يده من كل ما تطاله ، لا لحاجة وإنما لإشباع غرائزه كالغرور و حب التملك و ربما العداء .

و بينما كنتُ محلقة ً فوق السهول الجرداء ، رأيتُ في الأسفل مُزارعًا يبذر
أرضه ، فمـِلتُ بجناحَيّ نحوه و اقتربتُ منه حتى أدركتُ أنه يبذر القمح استعدادا
لحراثة أرضه .قلتُ في نفسي : أهبط ُ هاهنا لالتقاط بعض الحَب وللمزارع الأجر
والبركة من اللـه فنحن معشر الطيور لا نزرع ولا نحصد و ندعو لمن يطعمنا ..

وما كادت رجلاي تلمسان أرض الحقل حتى توقف المزارع عن البذار ثم  بدأ يراقبني  من بُعد . و بينما أنا منهمكة في نقر الحب و جَمعه في حوصلتي سمعتُ صوتا خفيفا أجفلتُ منه و شيئـًا  ما  آخر بدأ يضغط على عنقي حتى كاد يخنقني . دفعتُ الأرض برجليّ لأرتفع فلم أستطعْ .. رفرفتُ بجناحيّ ولكنّني شعرتُ بثقل ٍ
يسحبني للأسفل .

أحسَـسْتُ بالألم حول عنقي و أيقنتُ بالهلاك ! ركض المزارع نحوي فصرختُ لرفيق دربي.. و ناديتُ معشـَرَ الحمام..  ولكنني لم أسمع جوابا.. أمسكني
 المزارع  من جناحَيّ فتألمتُ كثيرا ثم سمعتـُه بعد ذلك يقول :
شكرًا أيتها الفخ المباركة ..أما أنتِ  يا حمامتي  البيضاء سأذبحكِ و أشويك ِ
على بعض القش .. ولكنك جميلة و من فصيلة معروفة !!
آه .. حسنـًا !  سأخذك للبيت و أزوّجك من ديك الحمام البني فإنه ديكٌ كسول
و ثقيل الظل  لم تعشقـه فرخة منذ سنة .

وفي بيت هذا المزارع ذقتُ الويل لغربتي عمن أحببت و لمجاورتي لشريك
 لا أطيقه . لم أتناول الطعام ليومين فبدأ المزارع يُدخلُ القمح في منقاري
 عنوة كي لا أموت، ثم وضعني بعدها في قفص مع الديك البني ثقيل الظل ،
 أجشّ الصوت وخشن الريش  .
أين المفر من هذا القفص المُحكم ؟ أظلمَتِ الدنيا بعيني و أيقنتُ بأنني خسرتُ
 كل ما كنت خططت له  ! كانت تلك السنة كبيسـة تمنيتُ الموت فيها على
 العيش مع هذا الديك العجوز .و لكنها مشيئة اللـه و قدري المحتوم .و بعدأن
 قضيت شهر شباط كاملا في  هذا القفص أطرق الديك العجوز عندما
 سمع هديلي الحزين الذي قلت فيه:
            إنْ تأسِـرِ الأقفاصُ ريشَ جناحنا :   طـِرْنا بقلب ٍنابض ٍ لديارنا
            نبكي فتشقى للبكـاء عيونـُنــــــا  :   ياليتهم كانـوا هنا بجـوارنا

  ثم قال : أيتها الغريبة الحزينة ! شتاؤنا هذا العام قاس ٍ و أنا  ديكُ حمام ٍ
عجوز ، ولا أظن أنني سأبقى للربيع القادم . سنتعاون معًا في رفع باب
 القفص ثم تحاولي الخروج من بين القضبان وتطيري  إلى ديارك .
ساعدَني العجوز برفع باب القفص بمنقاره المعوجّ ثم أخرجتُ جناحي  من
الفتحة و صار بعدها خروج باقي جسمي سهلا . وقفتُ على ظهر القفص ..
 إنني الآن حرة !! ضربتُ  طرف القفص بجناحي مودعة ذلك الطائر
 العجوز  و غادرتُ مسرعة ًباتجـاه  الشجرة التي كنتُ سأبني فيها عُشـّي .

و هناك كانت المفاجأة تنتظرني فلقد رأيتُ حمامة ً ترقد في عشّ ٍ جميل
على  الشجرة نفسها بينما كان شريك حياتي يضع الطعام و الماء  في
منقارهـا .

السؤال : أمضت الحمامة في بيت المزارع
أ -  28 يوما        ب – 29 يوما       ج – 30 يوما       د – 31  يوما

                              *************