الكـُشْـتـُبـَـانْ
فـايـز ابـو الـكا س
في معظم البيوت و على رف من رفوف خزانة الملابس كانت ترقدعلبة معدنية تحوي
إبـَرًا للخياطة و أزرارًا من مختلف الألوان و الأحجـام و بعض مواسيـر الخيطان
المتشابكة و مقص قديم ورُقـع صغيرة من القماش و بعض السحّابات و عـقـْد من
الخرز الأزرق في وسطه كف صغيرة من الذهب أو ( ما شـاء اللـه ) من الفضة
و...............كـُـشتـُبانْ . أحزنني هذا الكشتبان الذي كاد أن يطمس عهده الزمان .
لقد كانت البيوت لا تخلو منه أبدًا ، فالخِـياطة و ترقيع الملابس كانتـا من أعمال
كل سيدة ملتزمة و مدبـّرة .. صادفتــُه ُ فقلتُ له مخاطبــَا :
ياكـُشتـُبــــانـًا قـد وَقـَــى من وَخـْزِمـَسْنون ِ الخـِـيَـاط ْ الإبـرة
سـبـّابَــة ً شـــارَتْ إلى توحيــد ِ مَنْ حَــدَّ الصِــراط ْ الخــا لــق
أو إصبعًـا وُسْطى شكـَتْ مـنْ كـَـلـَـل ٍ نــالَ النـّـِـيـــاط ْ عروق الـقـلـب
مكانـُكمْ يـــــاذا الوَفــــا في البال ِ مـن دون اشتـراط ْ
ما أجملَ السّطـْح َ البَهيْ تـعـــلـــوهُ آلافُ النـِقــــــاط ْ
قد غادرُونا صَحْبـُـــكم خـَلـّـُوا بـِمـاضي الإرتبـــاط ْ
* * *
كفاكَ فخرًا ، كـُشـْتـُبانْ ! أن تحمي هاتـِيكَ البـَنانْ
طربوشُـــكم زاه ٍ وكـَمْ أهديـْتـُم ُ الأيـْدي الأمانْ
أنـامـِـلُ في فـَـنـّـِهــــــــــا خاطتْ سراويلا ً حـِسانْ
شِعـــرُ الأ ُلى يا إخـْوتي ما زالَ سحرًا في البـَيانْ
( أصـابـع من لــُـؤلـــؤ ٍ يَحملنَ كأسًا من جُمـان ْ) فـضـّـة لؤلؤيــّة
* * *
رافقتَ عُــمْــرًا جَــدّتي يامَنْ حفظتَ الرفـْـقـَــةِ
ماتوا جميعًا واختـَـفـَـى كلّ ُ مَـتـَـاع ِ العُـلبـَــةِ
إلا ّكَ يامَن ْصِــرتَ لي ذكرى لـِماضي خـِلـّـتي
نـَمْ هانئـًا يا كـُشـتـُـبانْ واسْـعَــدْ بدفء الغفـْـوة ِ
أوصي بكـُمْ إرثـًا لـِمَن ْ يـُنشــي بـقــايا القصــة ِ
* * *
يا كـُشتـُبـــانـًا مالـَكـُــمْ تـَرْثـُـونَ دومًـا حالـَــكم ْ ؟
إن كنتَ تشْكو من نوًى حالي إذ َنْ من حالـِــكم ْ
يا كشتبانَ الذكريــاتْ بعضُ الجـَفـَا قد طالـَكـُم ْ
هلا ّ قبـِلـْتـُم صُحبتـــي تحتــاجُ روحي مثلـَـكم ْ
نغدو رفاقــًا في الأسَى تشْكـُونَ لي ، أشكـُو لكم ْ
* * *
نادَى عَّـلـَيَّ الكـُشْتـُبـانْ أ ُعْجـِبْت ُ فيـكَ يا رجـُـلْ
السّـِرّ ُ في جَوْفي فهـَلْ أ ُنـْبيــكَ فيــه بالعـَجـَــلْ !
قد كان لي في النِسْـوة ِ عهْـــد ٌ قديـــمٌ لـم يَــزَلْ
يُحْـبـِـبْنَ فيكـُمْ حَزْمـَكـُم لكــنْ بتـَحـْنـان ِ الغـَـزََلْ
كـُنْ كـُشـْتـُبانـًا وَاقـِـيـًا يُصْبـِحْنَ غايات ِ الأمَـلْ
_____________