شجرة اللوز..
و عاد زهرُ اللوز من جديد بلونه الأبيض الناصع وعطره الفوّاح .. يكسو
بعفـّـتهِ الأغصـانَ التي صبَرَتْ على بـرْد كانـون فأهداهــا من ثلجه السّـِحْـر
و اللون . ما أعظـم وفاءك ِ ياشجـرة اللوز ! لا تـُخلفيـن بوعـدك ِ على مـرّ
العصور. تشيـّعين في كل عام شهرشباط ؛ وتحتفليـن بميـلاد آذار.
يا شجرة الطـّـُهر القديمة !
حفرْتُ على جذعك ِ هذا
تاريخَ الذكريات
و تركتُ عنده
دافىء الهمس من الكلمات ،
يا كاتمة الأسرار
و الحكايات!
تمرّ السِنونُ و لا تفتـُرين..
بزهر ٍ و عـِطر ٍ وظـِلّ ٍ ظليل ،
وبين غصونك
يحلو الهديل ..
وتحت نجومك يحلو السهر .
سـأبعثُ فـِيك ِ شجـونَ الحديثِ
كـما عاشـقيـْن بضوء القمر !
و تمضين يا شجرة الدُرّ ِ بتوزيع ابتساماتك المُشرقة و شذاك البهيـج لكل
من يمر بقربك من المتنزهين و عشاق الجَمال .. فهذه فتاة ٌ تقطف زهرتين
وتضعهما تشكيلـة على طـرف جبينـها .. و ثانيـة تقـف تحت الأغصــان
لأخذ صورة تذكـارية ، و عائلة تجلس لتنـاول طعام الغداء تحت مظلتـك
البيضاء الناصعة ، وصبيّ ٌ يبحث بين أزهارك ِعن ثمرة لم يكتمل نموها
بعد .. الدنيا كلها في عرس ..تملأ أطرافـَها بهجة ُ الربيـع و شمسُه الدافئة .
ما أعظم إيثارك يا شجرة اللوز !!
جذعُك ِ القديم بائسٌ حزين ؛ و غُصنـُك ِ بإسعاد الناس رهين !!
هاهي الفراشات مختلفة الألوان و الأشكال ترفّ ُ حولك برقيق ِ أجنحتها ،
وتنقـش على قميصـك الأبيـض ألـوان الربيـع و توشّي جدائلـك ِ بألوان
الطيف ، فتجعل من كل جديلة قوسًا سمـاويا زاهيًـا .. كم هي جميـلة
أسـراب النحل عندما تدغدغ أزهـارك و تـُوشوشُ بطنينـها أغصانك
التي صحَت من سُباتها الشتائي .. تأتي هذه الأسراب خفيفة ًبغـُدوّها ثمّ
ترحل مثقلة ً برحيق زهرك العذب .
يا عروس النهـار ،
تتلألأ سماؤك بطيور الوَروار،
و تموج بِغنـاء الزُرزور و الخُضـَّار،
فتفرحين..
و لكن يأبى الباشقُ إلا تفريق الجماعات
و إسكات ِالغنـاء .
يا له من خاطف ٍ للفرح ،
و هادم ٍ لصرح ِ الصفاء !!
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛