الجمعة، 8 مارس 2013

المَقـامَة البَصـَلـِـيـّة


 المَقـامَة  البَصـَلـِـيـّة






















د. فـايز ابو الـكا س

لعل هذه المقامة تدخل على نفوس القراء
 بعض السرور في ظل الظروف الراهنة.


حدثنا أبو قاعود قائلا :
و ما أن  امتلأت ِالأكياسُ بلحم الشواء ، استعدادًا لوجبة الغداء ، بعد نزهة قصيرة
 في شمّ الهواء  ، حتى اعتلتْ حولنا أصواتُ المُـواء ، لمجموعة من قطط الحارة ، عرفتُ منها  شمشون و سلوى و سارة ،  و كـَثـُر بين أفراد عائلتي  الصياحْ :
لاتنسوا القـدّاحَـة و المفتاحْ !
  يـُمـَّـهْ..!  أحمد من صندوق البـِكـَمْ  طاحْ !
يابا ..! إذا بـِـتـْحِـبـْني ، شغـّل هالشــوّاح ْ!
ركب الجميع بالبـِكـَمْ ، و القدَر على بَخْـتي  حَكـَمْ ،  أن أ ُُبـْتلى بتسعة أنفارْ ،
مـُخـّي من دوشتـْهم طارْ .( الوسطاني) أوقع  الشُبـشُب و أخته طيـّرت ِالإيشارْ !
 أما المَـدام .. أحلى السِـتـَّاتْ ، فجلسَتْ  بجانبي ، و أخرجتْ ذراعها من الشـُبـّاك
  حتى ( اتـْبـَيـّـِنْ ) السلـْتــاتْ ،  و طول الطريق خـُذ و هاتْ ،  و أشبعتني(تـِمْحينْ)
و ملاحظـات ْ :
يا زلمة امسَـحْ القزازْ كلـّـُهْ  طيـنْ !
  قنينـة العُطـُر هاي لـَميـنْ ؟؟
جــِبـْـتـِـلـْنـا معـاكْ الشـدّ ِة ْ؟
يا زلمـة اشوَيْ اشوَيْ  الطريق و ِعْـر ِة ْ!
وَلْ .. مالـْها الأوادم مِـنسَـعـْر ِة ْ !

و بعد جهد ٍ جهيـدْ ، والأولاد  ثلاث منهم  (امقربْطينْ ) بالحديدْ ،  و  البنات خمسة على  التندة  وصياحهن ( ايـسيد و يـميـد) ، أوقفتُ البكم تحت الأشجارْ ،  و بدأ  الأولاد(  يـِتـْفاعطوا)  من الصندوق مثل الشرارْ .  أنزلنا المنقل و الفحم  ، و فتحنا أكياس اللحم  ، و بدأتْ عملية شك الأسياخ .

 اشتعلتْ بالمنقل النيرانْ ، و( أقطبْ) في الجو الدخانْ . بدأتُ بوضع الأسياخ فوق الجمْرْ،  و عند البنات اشتغل الطبل و الزمْرْ ، إلى حين تتولى المَدام  في السلطات  الأمْرْ. . كانت عيناي يلفحُهما اللهيبْ ، و وجهي في الدخان الأسود  يغيبْ ، و أنا أقلـّبُ مرّة ً اللحمْ ، و أحرّك ثانيـة الفحمْ  ، و إذ ْ بـ (شـُوتْ) من كرة القدمْ ، كـادَ يوصلني العدَمْ ، أ ُصـِبْتُ فيه بـ (العنقـُورْ) ، و راح دماغي منه  يدورْ ،  و زاغتْ مِنـّيَ الأبصارْ ، حتى صرتُ  أرى اللحمَ  ( بُوشارْ) !
ثم  بدأ  الفريق يحَـلفُ الأيـْمانْ ، بأن الفاعل هو غسّانْ.. أكلتُ الضربة بكل خضوع ْ،
و عيوني تنزف بالدموع ْ. و بعد أن استعدْتُ صَحْوي  ، توجّـهَتْ المَـدامُ نحوي.. .
حسبتـُها تريد مُواساتي  ، و من أذى الضربة  مُراعاتي ، و لكنها تناولتْ من المنقل
 ثلاثة أسياخْ  ،  ثم  صرَختْ : آخْ مِـنـّك بَسْ آخْ !
 و ضَعَتْ الشـّـُقـف في الرغيفْ ،  و قالتْ  عليهن  يا لطيفْ !!

كنتُ كلما نضجَتْ (طورة) من أسياخ اللحم أضعها على طبق من القصديرْ،
 و أ ُتـْبـِعُـها بالتهليل و التكبيرْ،  علـّها تبقى لدقائـقْ ، ولا أجد أمام الغداء عائـِقْ .
غير أني لم أكـَدْ  أعطي الطبق ظهري ، حتى يهجم الأولاد عليه  بالسِـرّ و الجهر ِ،
 و ما هي إلا لحظاتْ  ، حتى يكون الأوان قد فاتْ  ، و ما بقي في الصحن غير
 الرّ ُفاتْ .

 و حانت الطورة الأخيرة فقلت هذه المرّة لنفسي ، ولكن يا لحزني و شدة بؤسي !
 فقد سقطتْ كرة القدم على المنقـَلْ ، و صرتُ لا أرى اللحم  حتى في المَـنـْد َلْ .
رضيتُ أخيرًا ببعض البصَل ْ ، و أقنعتُ نفسي بأنه مفيد  كالعسلْ . شربتُ بعض الشاي المغلي على الفحمْ ، و لم أضع في فمي قطعة لحمْ .
 و عند الأصيلْ ، تجهزنا للرحيلْ . و ما أن وصلنا البيت و بدأنا  للأغراض
 التنزيـلْ حتى بدأ حولنا  القالُ و القـِيـلْ :
شيخة : اللي أطعمكوا يطعمنا !
مثايل : شو يا جيـرانـّا ! احسُـبُونا اقـْطـاط ْ !
فرَج : ما شاللــَّه يا جارْنا  ، وجهك اليوم  امفتـّحْ من ذرْب اللحـم !
عـزّ ُوز : اهنيـّالكو !  أبوكو بوخذكو طـَشــّات ْ !

هربَ الجميعُ إلى الداخل ( تاركين الشـقا على من بَـقا ) ،  فبدأتُ بتنزيل( الكفيت )
و أنا أدندن بهذه الأغنية:
بـِكـَمْـنـا  هسـَّعْ  وَصَلْ ..   يا ماشاللــّه ْ ،
مِشـْوارْ ريتـُهْ ماحَصـلْ ..  هاللـّه ْ هاللـّهْ ،
(كـُونـِـة ْ )   أكـْلـَت ِ  اللحْمــاتْ .. من قـِدّامي ،
وَانـِيْ  أعْـمَـاني  البـَصَلْ .. شَــيّــِـلْ ياللـّــهْ !!

                                    ☻☻ ☻☻